خلال احد بروفات فرقة نواة المسرحية، دعت مها ومي عبد التواب، الأختان التوأم، الفريق للحضور إلى مزرعة العائلة في قرية في الفيوم لاستكمال البروفات في وسط الطبيعة.
لكن المجموعة ترددت في الحضور.
قالت مها: "سألوني ما إذا كان والدي سيتقبل حضور مجموعة تضم شبابًا إلى القرية، ناهيك عن منزلنا ... لكنني أخبرتهم أنها ليست مشكلة".
والد مها ومي لم يكن مُرحباً بالفرقة فحسب، بل اعتبرها مصدر إلهام له لدرجة أنه قام بكتابة أغنية لهم لضمها في عرضهم المسرحي "الأرض الطيبة".
تقول الأختان ووالدهما عبد التواب عبد الغني أن قريتهم في الفيوم قرية محافظة، حيث لا يتقبل الأغلبية اداء النساء والفتيات على المسرح.
لكن عبد الغني يقول إنه كان يدعم بناته عندما انضموا إلى فريق نواة المسرحي.
تم إنشاء فرق نواة للمسرح المجتمعي في عام ٢٠١٧ بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة و مؤسسة اتجاه، بهدف تمكين الشباب بأدوات وتقنيات مسرحية لرفع الوعي بقضايا مجتمعية وتنموية مختلفة.
العروض المسرحية هي نتاج ورش العمل التي أقيمت مع فريق زاد للفنون، الذي يقوم بتدريب المتطوعين على تطوير سيناريوهات وأغاني مسرحية لزيادة وعي مجتمعاتهم بقضايا بما في ذلك ختان الإناث وتنظيم الأسرة والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
هذا العام، مع استضافة مصر لمؤتمر المناخ COP27، تم توعية المتطوعين الشباب حول قضايا تغير المناخ حيث تمحورت العروض حول هذه القضية.
فكان من المناسب أن تختتم فرقة نواة الفيوم بروفاتها في وسط أراضي زراعية، حيث بدأ تأثير تغير المناخ في الظهور.
يقول عبد الغني: "أنا مزارع أولاً، وارى تأثير تغير المناخ بشكل مباشر".
بعد مشاهدة بروفة عرض "الأرض الطيبة" ومغادرة الفريق، كتب عبد الغني رسالة على فيسبوك يشكر فيها نواة ويعبر عن مدى فخره باستضافة مزرعته مثل هذا النشاط الثقافي. أنهى عبد الغني رسالته ببضع أبيات من قصيدة قام بتأليفها.
عندما شاهد محمد علي حزين، مدير فريق زاد للفنون، المنشور على فيسبوك، طلب من عبد الغني استكمال القصيدة وطلب متطوع آخر في نواة من بني سويف تلحينها.
الأغنية، "البسي التوب الملون،" الآن جزء من عرض "الأرض الطيبة".
كانت هذه المرة الأولى التي يتفاعل فيها عبد الغني مع الفريق بشكل مباشر، ولكنه كان دائمًا من المتابعين لعروضهم.
تقول الشقيقتان إنه لم يفوت أي عرض منذ انضمامهما إلى نواة في ٢٠١٨.
يقول عبد الغني أنه يواجه انتقادات من بعض أفراد عائلته ومجتمعه في القرية، حيث لا تزال قائمة العديد من الممارسات الضارة ضد النساء والفتيات بحسب عبد الغني.
يقول: "لا يزال بعض الآباء يجبرون بناتهم على ترك المدرسة ويزوجونهن مبكرًا. دائمًا كنت اسمع أنني لست بحاجة إلى الاستثمار في تعليم فتياتي، لكنني رفضت".
توضح مها ومي أن والدهما شجعهنا دائمًا على الاستقلال.
تقول مي: "لقد دعمنا والدي منذ البداية، على الرغم من أن بعض الناس يعارضون ما نفعله، بما في ذلك أفراد الأسرة، فقد كان والدي دائمًا يدافع عننا".
تضيف مها: "كان يقول لنا دائمًا أن نكتشف أنفسنا، وأن نخرج ونرى العالم".
من خلال فريق نواة، تم تدريب الأختان على موضوعات الصحة الإنجابية.
فريق المسرح هو جزء من برنامج أندية السكان التابعة لصندوق الأمم المتحدة للسكان، والتي تعمل بالشراكة مع وزارة الشباب والرياضة و مؤسسة اتجاه.
تعمل أندية السكان في مراكز الشباب المختلفة في مصر، وتستضيف أنشطة توعوية حول القضايا السكانية للشباب باستخدام أدوات مبتكرة، بما في ذلك الموسيقى والمسرح التفاعلي. تهدف الأنشطة إلى رفع مستوى الوعي حول العنف القائم على النوع الاجتماعي وتنظيم الأسرة والممارسات الضارة.
انضمت مها إلى ورش عمل تدريب المدربين كجزء من أندية السكان، وهي الآن مدربة صحة إنجابية.
وتوضح أن الجلسات المتعلقة بختان الإناث هي الأهم بالنسبة لها، حيث أنها تعرّضت له بنفسها.
مها ومي هما أختان من خمس في الأسرة، أربعة منهن تعرضن للختان.
في بداية انتشار كوفيد-١٩، حضرت مها ورش العمل عبر الانترنت.
تقول: "كنت أتأكد دائمًا من جلوسي بجانب والدتي أثناء جلسات ختان الإناث حتى تسمع، وفي النهاية بدأت أن تسألني عن سبب كونه ممارسة خاطئة وضارة".
عندما حان الوقت لتعريض أختهن الصغرى زينب للختان، اعترضت الأم.
تقول مها: "جمعتني بعد ذلك أنا وأخواتي واعتذرت عن إخضاعنا لهذه التجربة، وتعهدت بعدم تكرار نفس الخطأ مع زينب".
بالنسبة لمي، فإن كونها جزءًا من فريق المسرح قد أثر أيضًا عليها شخصيًا.
تقول: "كنت انطوائية وكنت خجولة ، والآن أصبحت قادرة على التعبير عن نفسي بشكل أفضل والكفاح من أجل حقوقي".
يساعد عبد الغني أيضأً في مواجهة الممارسات الضارة في مجتمعه وينشر الوعي حول تأثير العنف القائم على النوع الاجتماعي والزواج المبكر.
يقول: "أقول دائمًا للناس إنهم إذا اصروا على تعليم الفتيات، فسيؤتي ذلك ثماره."