جلست ١١ امرأة في دائرة، يمرون الى بعضهن البعض صندوق صغير مليء بأسئلة مكتوبة على ورقات صغيرة متعددة الألوان. ثماني منهن عبرن الحدود من السودان إلى مصر مؤخرا.
"ما هو الشيء الذي تمتن له؟" سألت أحدى الورقات.
أجابت إحدى النساء: "أن أطفالي هنا ولن يضطروا أن يشهدوا الحرب".
سألت ورقة اخرى: "ما هي أكبر مخاوفك؟"
"التفكك الأسري،" أجابت اخرى، "أنا وأولادي هنا ولكن زوجي لا يزال في السودان. لا أريد أن تتفكك أسرتي".
استمرت النساء في اجابة الأسئلة المكتوبة في الصندوق الصغير، فيما يسمى "جلسة فضفضة،" وهي أحدى الأنشطة العديدة التي تقيم في المساحات الآمنة التي يديرها صندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر.
تقع المساحة الآمنة "سند" في الهرم في الجيزة، وتقدم خدمات شاملة للعنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات للاجئين.
التفكك الأسري هو للأسف واقع هناء ياسين التي اضطرت أن تترك زوجها في السودان بسبب القيود المفروضة على تأشيرة دخول الرجال إلى مصر. ومنذ فراقهم، لم تستطيع الاتصال به.
تقول هناء إن ابنها الأصغر يسأل باستمرار متى سيصل والده.
ووصلت هناء وأبنائها الستة إلى مصر من العاصمة الخرطوم يوم ١٩ مايو. تتذكر الرحلة الشاقة التي استغرقت خمسة أيام والتي كان عليهم تحملها للعبور إلى بر الأمان. اضطرت عائلة هناء التنقل من عربة إلى أخرى، هربًا من القتال ونيران الطائرات الحربية.
تقول هناء: "كانت هناك جثث ملقاة في الشوارع، اضطررت أن أغطي عيني طفلي البالغ من العمر ستة أعوام حتى لا يرى هذه المناظر."
هناء هي واحدة من ٢٥٠ ألف شخص عبروا من السودان إلى مصر، معظمهم من النساء والأطفال، فرورا من القتال في السودان.
من أسوان، استقلت هناء وأطفالها قطارًا إلى القاهرة، حيث تبحث حاليًا عن مدارس لتسجيل أطفالها، كما تبحث عن عمل حتى تتمكن من دعمهم.
وفقًا لهبة شعراوي، قائدة فريق إدارة الحالات في المساحة الآمنة سند، استقبل سند أكثر من ٣٠٠ امرأة استلقوا مجموعة متنوعة من الخدمات، من الإسكان إلى المساعدة النقدية إلى الدعم النفسي والاجتماعي.
أوضحت هبة قائلة: "أول شيء ألاحظه على النساء هي حالة الصدمة، ليس فقط لأنهن شهدن الحرب، ولكن بسبب فقدان مكانتهن الاجتماعية والمالية والمجهول الذي ينتظرهن. "
تقول: "سند هو طوق النجاة بالنسبة لهن".
تعد سند واحدة من ١١ مساحة آمنة في ست محافظات في مصر.
يقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر خدمات شاملة للعنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات للاجئين من خلال المساحات الآمنة التي تديرها وزارة الشباب والرياضة ومؤسسة إتجاه. توفر المساحات الآمنة خدمات إدارة الحالات، وخدمات الدعم النفسي، ودعم الإسكان في حالات الطوارئ، والخدمات القانونية والطبية، وخدمات الصحة الإنجابية، فضلاً عن التدريبات المهنية، بدعم من الوكالة السويسرية للتعاون من أجل التنمية وسفارة المملكة النرويجية.
يدير صندوق الأمم المتحدة للسكان أيضًا مساحتين آمنين للنساء والفتيات في أسوان حيث يقيم معظم السودانيين أو يعبرون في رحلتهم إلى القاهرة.
اعتبارًا من ١٧ يونيو، تم تسجيل ما يقرب من ٥٠٠ امرأة وفتاة سودانية في ٦ مساحة آمنة في أسوان والقاهرة الكبرى للحصول على الدعم.
يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على تعزيز القدرات المادية والتقنية لجميع المساحات الآمنة لتعزيز خدمات إدارة الحالات لجميع النساء والفتيات اللواتي يصلن إليها.
في إحدى غرف المساحة الآمنة، تعلق بعض الالواح الفنية التي نتجت من ورشة العلاج النفسي بالفن.
تم كتابة بعض الكلمات بين الرسومات منها الغضب والحزن والشجاعة والقوة.
تصور أحد اللوحات أطفالًا على أرجوحة، تحت عنوان،"ضحك ومرح".
تقول هناء: "اريد استعادة حياتي التي فقدتها، أي شيء آخر قابل للاستبدال لكنني أفتقد حياتي كما كانت."