في اليوم الدولي للمرأة، نحتفلُ بشخصيات رائدة نجحن في شقّ الطريق نحو المساواة بين الجنسين. ونحن الآن نتطلع إلى جيل جديد من الناشطات اللاتي يُشكِّلن رؤية لغد أفضل لجميع أطياف البشرية.
إنَّ التقدُّم الضئيل في سبيل - إنهاء العنف، والتنديد بالتحيز والتمييز، وضمان الاستقلالية والسلامة الجسدية والمساواة - يُذكِّرنا بأنَّ الطريق إلى مستقبل تتحقق فيه المساواة بين الجنسين ليس بالضرورة أن يكون طويلا. فالنساء يطالِبنَ بإعطاء الأولوية لحقوقهنّ وخياراتهنّ وبتسريع وتيرة العمل. فهناك ضرورة مُلحّة لذلك.
تتعرّض امرأة واحدة من بين كل ثلاث نساء للعنف البدني أو الجنسي في حياتها. وتتزوج فتاة واحدة من بين كل خمس فتيات قبل سن الثامنة عشرة، وتخضع 200 مليون امرأة وفتاة على قيد الحياة اليوم لأحد أشكال تشويه الأعضاء التناسلية للإناث المعروف بالختان.
إنّ هذه الأرقام صادمة، ومع ذلك فإنها ليست سوى غيض من فيض التناقضات التي يموج بها عالمنا غير المتكافئ. ففي كل عام، تفقد نحو 300,000 امرأة وشابّة حياتها أثناء الوَضع؛ في الوقت الذي يمكن فيه تجنب وقوع الغالبية العظمى من وفيات الأمهات. وترغب مئات الملايين من النساء والفتيات في تجنُّب الحمل، ومع ذلك لا يستخدمن وسائل حديثة وموثوقة لتنظيم الأسرة.
فكّروا للحظة في الظروف - الفقر، والحرمان من المعلومات، وعدم المساواة في اتخاذ القرارات، والافتقار إلى السبل المتاحة - التي تتضافر لمنع الملايين من النساء من ممارسة حقوقهنّ الأساسية واتخاذ خيارات تتعلق بأجسادهنّ ومستقبلهنّ.
نحن نمتلك القدرة على تغيير هذا الواقع. فبرفضنا التسامح مع تطبيع العنف والتمييز ضد النساء والفتيات، يمكننا وضع حدّ لهذا الأمر.
يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان مع الشركاء، بمن فيهم الناشطون الشباب وصانعو التغيير، على إزالة الحواجز القائمة بين النساء والفتيات من ناحية وحقوقهنّ وخياراتهنّ من ناحية أخرى. ولبناء عالم قائم على المساواة بين الجنسين، يجب تمكين جميع النساء والفتيات من الحفاظ على صحتهنّ وإعمال حقوقهنّ الجنسية والإنجابية. ونهدفُ إلى تحقيق "الأصفار الثلاثة" بحلول عام 2030:
- إنهاء احتياجات تنظيم الأسرة غير المُلبَّاة؛
- إنهاء وفيات الأمهات التي يمكن تجنبها؛
- إنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي والممارسات الضارة، بما في ذلك زواج الأطفال وتشوية العضاء التناسلية للإناث المعروف بالختان.
تستندُ جهودنا إلى بيانات وأدلّة عالية الجودة لضمان عدم تخلُّف أحد عن الركب.
إنّ تحقيق الأصفار الثلاثة يتطلّب من صانعي القرار أن يحشدوا قدراتهم السياسية والمالية للوفاء بالوعود التي قطعوها في المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي عُقِدَ قبل 25 عاما. ففي عام 1994، اتّفقت الحكومات على أنَّ كرامة الأفراد وحقوقهم، بما في ذلك حقوقهم الإنجابية، هي حجر الزاوية في تحقيق التنمية المستدامة على المستوى العالمي. وقد شهد مؤتمر قمة نيروبي بشأن المؤتمر الدولي للسكان والتنمية 25 الذي عُقد في تشرين ثاني/نوفمبر الماضي التعهُّدَ بمزيد من الالتزامات نحو تحقيق الأصفار الثلاثة.
وفي هذا العام، تحتفل الحركة النسوية الدولية بمرور ربع قرن على وضع ’إعلان بكّين ومنهاج العمل‘ مخططا طموحا لتحقيق المساواة بين الجنسين.
لقد بات من المحتّم علينا الآن إزالة العقبات المتبقية التي تقف في طريق أصوات النساء وخياراتهنّ ورضاهنّ ومساواتهنّ. وقد حان الوقت للوفاء بالتزاماتنا الجماعية لضمان السلامة الجسدية للنساء والفتيات وحقهنّ في اتخاذ قراراتهنّ في جميع مجالات حياتهنّ.
لنمضي قُدُما في العمل على تحقيق أهداف النشطاء الذين سبقونا في الدفاع عن حقوق النساء، بالشراكة مع أولئك الذين يلتزمون بالمُثُل النسوية اليوم. فنحن جميعاً نؤمن بالمساواة بين الجنسين. حيث يقع على عاتقنا تحقيق المساواة بين الجنسين تحقيقا نهائيا.